الاثنين، 24 يونيو 2013

راكضة بلا ألم..

راكضة بلا ألم..

هي وحدها على أطراف الزمن تبعثر الأشياء الساكنة، و تشتهي في هدوء السماء الزرقاء ركض السحاب إلى آفاق بعيدة، تكرهُ جمود أوراق الشجر و ارتحال الريح ليحتل السكون الزوايا..لا معنى للبحر دون أن تصطدم أمواجه بالصخر.. و لا تعنيها أسراب الحمام و هي تقف على أسطح البيوت في صمت مضجر..
هي وحدها على أعتاب مدينة تتسربل عفّة و حياء.. منزلها العتيق يصاحب البؤس و ينادم الفقر... لا شيء في مدينة صاخبة يُعيرها اهتماما ، حتى الشوارع و الأرصفة تتباهى بزينتها و جمالها و هي تمارس ركضها اليومي دون حذاء..البشر راكضون في هموم صغيرة أو كبيرة،لكنها تركض بلا همّ!! تلاشت الأحلام حتى في قطعة خبز نظيفة، فلِمَ الهمّ بعد ذلك؟!  و حتى الصحة و العافية لم تعُدْ همّاً يُشغلها فلا دواء لمرض ٍ استفرد بالروح.. و لا معنى لحياة جسد بلا روح!! 
هي وحدها تستمرىء الفرح و تُجامل السعادة و تضحك باستهزاء كلما أشرقت الشمس!!  لكنها لا تملّ الركض في كل اتجاه ، و لا تعرف للتعب معنى..تستوقف الزمن و تثبت قدماً في كل مكان تلامسهُ بخُطاها.. تتشدّق بالكلمات و تلعب بالحروف و تُناطح بالقلم إذا أرادت ، و قد تُقاتل باليد و القدم و العقل كأمهر لاعبي التيكوندو .. و ربما إذا اقتضى الأمر تُسابق الريح في الشوارع و تُجادل الباعة في التفاصيل الصغيرة عن كل شيء ، و في كل شيء و مِنْ أين أتى ؟ و كيف وصل؟ و كم ثمنه؟!! تدخل البيوت لتغسل، و تكنس ، و تطبخ الطعام، و تعلّم الصغار و الكبار!
 هي وحدها في شتى الميادين راكضة بلا ألم و وحدهُ الفقر و المرض ينهشُ جسداً و روحاً تُصارعُ و تُناضلُ من أجل الغير..هي وحدها تزرع الجمال في كل الأحداق، و تنثر في المدى إصرارا. و لها وحدها ترتفع الأكف بالدعاء كلما امتطتْ صهوة الغروب إلى منزل بعيد يلفّهُ السكون ليتبعثر فيه صمت الزمان و تُحيي المكان بقناديل دموعٍ لا تنتهي.


كُتِبَتْ عام 1428هـ
 نُشرت سابقاً في المجلة العربية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق