الأحد، 30 يونيو 2013

قصة بائع الورد

بـائع الـورد
(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)

المكان يضجُّ بالباعةِ والمشترين، ووحده بائع الوردِ يقطعُ مسافة قصيرة بين الجامعِ وأقرب متجر ذهابًا وإيابًا، لم يغير عادتَه منذ سنين، ولم يرتوِ الوردُ الذي يحمله، كأنَّ العمرَ الخاوي تمدَّد هناك وعلَّق في عينيه نظرةَ العدم، السماء تواطأت مع الليلِ والألم مهَّد الطريقَ، فأوسعاه حزنًا وجدبًا وعزلة.

وروده الخجلى من نظراتِ العابرين لاذتْ بصدرِه، كانت تبثه عطرَها المكنون وتلوِّح لعينيه بألوانها الشاحبة، كانت تدورُ في فلكه الصامت وتناجي نجومَ روحِه النقية، كانت تذُبُّ عنه نظراتِ الاحتقار وتبتسم له كلما انقبضَ صبره، ودس وجهه بين ركبتيه على هون.

بالأمسِ فقط تتبعتُ شقاءه؛ وهو الوجه البائس الذي أراه كل مطلع شمس، تأملتُه كأعجوبة؛ وجهه المعفَّر بالألم، شفتاه التي تسجنُ الكلمات عُنوة، عيناه التي يدورُ الخواء فيهما، ثيابه العتيقة التي لا تعترفُ بالفصول، وقدمه اليمنى الملفوفة الأصابع في (شاش) متهالِك، وفي يسراه كيسٌ صغير يواري أزهارَه، وفي يمناه طاقة صغيرة تسرَّب إليها الجفافُ من يده التي يمدها بالوردِ نحو العابرين، ثم يعيدها إلى صدرِه.

قضيتُ النهارَ أتتبعه بعيني بعد أن اشتريتُ منه وردًا، وبعد العشاءِ تسللتُ خلفه، سار كأملٍ كسيح ينتظره يائس معدم، أو كليلٍ لا يموت حتى وصل إلى عتبةِ بيت متواضع فطرقَ البابَ، فخرج رجلٌ سمين بادره بقولِه: "هل أحضرت النقود؟ لن أصبرَ عليك أكثر، إمَّا قيمةُ سُكناك أو ابحثْ عن سكنٍ آخر"، فأخرج بائعُ الورد حصادَ يومِه من النقود، ثم رفع كيسَه إلى صدرِه وضمَّه كطفلٍ، ثم دفعه إليه فأمسك به الرَّجلُ السمين وفتحه وقلَّب فيه نظرَه، ثم عبس وبسر ورفعَ الكيسَ إلى أعلى وألقى به بعيدًا وصاح في البائع: "لم يبق إلا الورد الميت تبيعُه لي! ابتعد، هيا"، وعاد إلى دارِه مغلقًا البابَ دون الحزن والشقاء.

على جمر العمر الذي استبيح على رصيفٍ مجهول انحنى البائعُ الصامت يرفع ورودَه إلى صدرِه، ويمسح عنها وجع العابرين، ومن عينيه سال نهرانِ من الذل تغسلُ انكسارَه، وتبلل وروده التي فاح شذاها وعطر المكان، حمل أزهارَه ودسَّها في كيسِه وضمَّها إلى صدرِه وأكمل المسير نحو الشارعِ المظلم، وعدتُ أنا من حيث أتيتُ يتبعني الوجوم والضآلة والشعور بالذنب.

وفي اليوم التالي لم يتعطرْ ذاك المكان بين الجامعِ وأقرب متجر بأي رائحةٍ ولم يعبأ أحد.


رابط الموضوع:
 http://www.alukah.net/publications_competitions/0/35670/#ixzz2Xjbi8ydA

الأربعاء، 26 يونيو 2013

بسبب نحلة!

بسبب نحلة!

هناك حيث الغيم والضباب مات أبي، هناك بين ألف زهرة وزهرة أسلم أبي روحه، ومن هناك انطلقت ركائب الأحزان لتقتفي طريقي الطويل، وتدنس حرم أيامي بوابل من السخط، مات أبي.. مات أبي.. ولماذا السخط وليس من الموت مفر؟ أتذكره كل لحظة وأتذكر وجهه وتفاصيله، أتذكر الجرح العميق قرب شفته السفلى.. أبي الذي مات وعمري يقارب الثماني سنوات ولم أكبر بين يديه، مات هكذا بسبب نحلة، أتذكر المكان الذي شهد موته، أتذكر الأحداث كلها، نعم، لا يستوطن ذاكرتي كأبي، وهكذا هم الأحبة يسكنون منّا الروح والذاكرة وإن واراهم الثرى وغيّبتهم الأيام، أتذكر ذلك اليوم الرمضاني الحزين، عندما طلب من أمي أن تعدّ له قائمة المشتريات لأنه سيخرج إلى السوق، وفعلت أمي، فناداني وسألني إن كنتُ سأرافقه فوافقتُ على الفور وسبقته إلى السيارة، ومضينا في الطريق، وعند مفترق طرق أخذ أبي طريقاً غير طريق السوق فسألته فقال: لي صديق عزيز خطر ببالي الآن وسنذهب لنراه ثم نعود ونذهب إلى السوق، وهكذا أكملنا الطريق إلى صديقه الذي يسكن القرية القريبة، وهكذا كان الموت يتبع آثارنا قصصاً، أتذكر أننا وصلنا القرية ودخلناها آمنين، كان أبي سعيداً جداً عندما وجد صديقه خارج المنزل، لقد نزلنا من السيارة وسلّمنا عليه، وعندما التفت أبي يميناً شاهد مجموعة من خلايا النحل متراصة فوق بعضها، فقال، ومازلتُ أذكر قوله: (حمانا الله من هذا النحل، لقد لسعتني نحلة ذات مرة وكدتُ أن أموت)، ثم أدار وجهه نحو صديقه وأخذا يتجاذبان أطراف الحديث. أما أنا فلم أرفع عيني عن خلايا النحل التي بدتْ لي كأسطوانات خشبية وما هي إلا جذوع أشجار مجوّفة ومحكمة الإغلاق مع الجهتين لولا فتحة صغيرة في الأمام كان النحل يدخل ويخرج منها، كان للنحل صوت أزيز يملأ المكان، وكان يتجمع على باب الخلية بعضه فوق بعض، وكان أمام الخلايا وعاء كبير مملوء بالماء، ولم تمضِ سوى لحظات حتى وجدتُ أبي ينثني ثم يلصق ركبتيه بالأرض ثم سقط على جنبه والتصق وجهه بالتراب، أذكر أنه لم ينطق بحرف وإنما كان صامتاً مغمض العين، عندها لا أدري ما فعلتُ، لقد صرخت من أعماقي أناديه أبي.. أبي.. أبي.. وعندما لم يجِبني بكيتُ وأخذتُ أهزه هزاً وهو لا يستجيب لي، وأخذت أرفع وجهه عن الأرض وأنا أصيح، كان صديقه يردد لا حول ولا قوة إلا بالله وهو يضع يده على رقبة أبي ويحركها مرة إلى الأعلى ومرة إلى الأسفل، ثم مدد جسده على التراب وسار مبتعداً، وبقيتُ أبكي على صدره وأنوح بأعلى صوتي أبي.. أبي.. لم تمضِ دقائق حتى عاد صديق والدي ومعه رجلان، فحملا والدي بين أيديهم وأخذاهُ إلى سيارتنا المتوقفة قريباً منّا، بالكاد ابتعدت عن جسده المسجى ولم تتوقف دموعي، أذكر أنهم أبعدوني بشدة فسقطتُ على الأرض أبكي وتدحرجتُ فسقط حذائي وكنتُ أظن أن أبي سيلتفت من بين أيديهم ويناديني، كنتُ أظنه نائماً وسيفيق بين أذرعهم ويناديني.. ولكنه لم يلتفت ولم ينبس ببنت شفة.. قمتُ من سقطتي وركضتُ خلفهم وركبت السيارة عند جسده الممدد في المقعد الخلفي.. بكيت على صدره حتى نمتُ ولم أستيقظ إلا بين أحضان أمي المكلومة وجدتي المفجوعة وجدي الذي يستمسك بعصا الاصطبار كي لا يسقط.. وكبرتُ يتيماً بسبب نحلة لم تجد غير أبي تسدد له ضربتها.. ساخطاً على كل النحل وإن أهدانا العسل.. فلا عسل بعد موت أبي.

نُشرت سابقاً في صحيفة الشرق:

الاثنين، 24 يونيو 2013

راكضة بلا ألم..

راكضة بلا ألم..

هي وحدها على أطراف الزمن تبعثر الأشياء الساكنة، و تشتهي في هدوء السماء الزرقاء ركض السحاب إلى آفاق بعيدة، تكرهُ جمود أوراق الشجر و ارتحال الريح ليحتل السكون الزوايا..لا معنى للبحر دون أن تصطدم أمواجه بالصخر.. و لا تعنيها أسراب الحمام و هي تقف على أسطح البيوت في صمت مضجر..
هي وحدها على أعتاب مدينة تتسربل عفّة و حياء.. منزلها العتيق يصاحب البؤس و ينادم الفقر... لا شيء في مدينة صاخبة يُعيرها اهتماما ، حتى الشوارع و الأرصفة تتباهى بزينتها و جمالها و هي تمارس ركضها اليومي دون حذاء..البشر راكضون في هموم صغيرة أو كبيرة،لكنها تركض بلا همّ!! تلاشت الأحلام حتى في قطعة خبز نظيفة، فلِمَ الهمّ بعد ذلك؟!  و حتى الصحة و العافية لم تعُدْ همّاً يُشغلها فلا دواء لمرض ٍ استفرد بالروح.. و لا معنى لحياة جسد بلا روح!! 
هي وحدها تستمرىء الفرح و تُجامل السعادة و تضحك باستهزاء كلما أشرقت الشمس!!  لكنها لا تملّ الركض في كل اتجاه ، و لا تعرف للتعب معنى..تستوقف الزمن و تثبت قدماً في كل مكان تلامسهُ بخُطاها.. تتشدّق بالكلمات و تلعب بالحروف و تُناطح بالقلم إذا أرادت ، و قد تُقاتل باليد و القدم و العقل كأمهر لاعبي التيكوندو .. و ربما إذا اقتضى الأمر تُسابق الريح في الشوارع و تُجادل الباعة في التفاصيل الصغيرة عن كل شيء ، و في كل شيء و مِنْ أين أتى ؟ و كيف وصل؟ و كم ثمنه؟!! تدخل البيوت لتغسل، و تكنس ، و تطبخ الطعام، و تعلّم الصغار و الكبار!
 هي وحدها في شتى الميادين راكضة بلا ألم و وحدهُ الفقر و المرض ينهشُ جسداً و روحاً تُصارعُ و تُناضلُ من أجل الغير..هي وحدها تزرع الجمال في كل الأحداق، و تنثر في المدى إصرارا. و لها وحدها ترتفع الأكف بالدعاء كلما امتطتْ صهوة الغروب إلى منزل بعيد يلفّهُ السكون ليتبعثر فيه صمت الزمان و تُحيي المكان بقناديل دموعٍ لا تنتهي.


كُتِبَتْ عام 1428هـ
 نُشرت سابقاً في المجلة العربية.

السبت، 22 يونيو 2013

يا حادي العيس ... تحليل لقصيدة للشاعر : ماني الموسوس

تحليل لنص للشاعر : ماني الموسوس

لمَّا أناخوا قُبَيل الصبحِ عيسهُمُ ... و ثوّروها فثارتْ بالهوى الإِبِلُ
و أبرزتْ من خلال السّجفِ ناظرَها ... ترنو إليّ و دمعُ العينِ ينهملُ
و ودّعتْ بِبَنانٍ خِلتُهُ عَنَماً، ... فقلتُ: لا حمَلتْ رجلاكَ يا جمَلُ
ويلي من البين ما ذا حلّ بي و بها ... من نازحِ الوجد حلَّ البينُ فارتحلوا
يا حادي العيس عَرِّجْ كي أودِّعها ... يا حادي العيسِ في ترحالك الأجلُ
إني على العهدِ لم أنقض مودتهم، ... يا ليتَ شعري بطول العهدِ ما فعلوا؟


التحليل:


على عتبات الفقد و الوجع وقف شاعرنا لينسج لنا أبياتاً تتضوع حزناً و ألماً، فهاهم الأحباب أناخو العيس،و في تعبيره بالعيس دون كلمة( الجمال) إجادة من الشاعر لأن العيس هي الجمال المعدة للرحلة، فها هي الجمال تبرك ليركب الراحلون ثم تُثار الأبل لتقف و تبدأ المسير مبتعدة عن شاعرنا المفجوع.. و الشاعر أجاد في بيته الأول التصوير و الوصف لبداية الرحلة و ما يفعله الراحلون.. و في قوله ثوّروها فثارت بالهوى الأبل إجادة من الشاعر فهاهي الجمال تقف و معها يثور حبه و هواه الذي يسكنه و كأن الألم يتفجر في صدره.. و في مطلع أبياته: ( لمّا أناخوا...) تعبيره ب(لما) ممهد لشيء ما يأتي به شاعرنا في أبياته التالية.. و في البيت الثاني يواصل الشاعر وصف الاستعداد للرحيل..و يخص المحبوبة بالحديث فهاهي تبرز من خلال السجف ناظرها باكية حزينة ، و السجف الغطاء الرقيق و المقصود الهودج، فهي قد نظرت لشاعرنا باكية.. و دمع العين ينهمل..فالشاعر بعد وصف العام و استعداد القوم للرحيل خصّ المحبوبة ببيته الثاني و ركّز على تصوير حالها..و الشاعر هنا لم يقف على جمال المحبوبة أو تصوير مفاتنها لأن الموقف لا يحتمل ذلك فاهتم بما يناسب الحال و المقام.. و تعبيره بكلمة( ترنو) إجادة من الشاعر فالمحبوبة تطيل النظر لشاعرنا و دمعها ينهمل و يفيض..و الإنهمال فيض الدمع مع ضعف و إدامة، أما الإنهمار فهو سيل الدموع بقوة ففي ( ينهمل) إجادة في الاستعمال من الشاعر و تناسب القافية أيضاً. و في البيت الثالث قال : و ودّعت ببنان خلته عنما، إشارة إلى أن المحبوبة أشارت بيدها مودعة و ملوحة بكف يزينه الخضاب، و هذه الإشارة الوحيدة إلى شيء من جمال المحبوبة في الأبيات..و عبّر بالبنان و قصده الإشارة إلى خفاء إشارتها بالتوديع.. و الأبيات الثلاثة يربطها حرف العطف الواو فالمعاني تأخذ برقاب بعض.. و هنا نجد إجابة ل( لمّا أناخوا) فماذا فعل الشاعر؟ الجواب: أنه قال: لا حملت رجلاك يا جملُ! فالشاعر يدعو على الجمل الذي سيحمل محبوبته إلى البعيد..و الجملة قصيرة لكنها تحمل الأسى و الألم الذي يعتمل في قلب شاعرنا.. لا حملت رجلاك يا جملُ!.. يحترق قلب شاعرنا و ينفطر قلبه فيصيح: ( ويلي من البين...) الويل لشاعرنا من الفراق و البعد..الألم و عظيم التعب لشاعرنا الذي نزل البين بساحته و ساحة محبوبته.. ( من نازح الوجد) رحلت الحبيبة ..و حل الفراق..و ارتحلوا.. لقد ثارت الأبل و رحلت المحبوبة الآن.. فلم يبق بيد شاعرنا شيء إلا نداء لوعة و شوق و حنين مشبوب يصرخ به قائلا: يا حادي العيس..عرّج كي أودعها.. يا حادي العيس في ترحالك الأجل.... شاعرنا الموجوع ما الذي بقي لك و أنت تنادي حادي العيس غير شوق يتلظى في قلبك لمحبوبة راحلة؟! يا حادي العيس، و الحادي من يترنم بالحداء و الغناء كي تسير الأبل و تنشط للمسير الطويل.. و كأن الرحلة بدأت بل بدأت بالفعل.. و الحادي يغني.. و الشاعر يستصرخه : يا حادي العيس عرّج كي أودعها.. فقد ألجم الاستعداد للرحلة شاعرنا حتى تاه عن توديع محبوبته التي ودّعته ببنانها و دموعها بينما هو يشاهد الرحيل و قد حلّ البين بساحته... و هل يقف الحادي؟ هيهات.. و شاعرنا يؤكد ذلك فيقول: يا حادي العيس في ترحالك الأجل... الموت في رحيل المحبوبة يا حادي العيس فلا ترحل بالمحبوبة و لا تغني ففي رحلتك موتي و أجلي... و من مكان بعيد يأتي بيته الأخير و كأنه قاله بعد زمن طويل على رحيل المحبوبة: (إني على العهد لم أنقض مودتهم/ يا ليت شعري بطول العهد ما فعلوا) و إن كان الشاعر قد قال بيته هذا ساعة رحيل المحبوبة فكأنه يستشرف المستقبل و ينظر إليه.. و كأنه قد مضى زمن طويل على الفراق و البين و الرحيل و ما ذاك إلا لبعد المحبوب عن العين فهو يحاول أن يرسم لنا صورة ما يفعله الرحيل من ألم في قلب العاشق.. إني على العهد فأنا لم أنقض عرى المودة رغم طول العهد .. و المودة المحبة و الرحمة و هي أبلغ من المحبة فقط،وقد أحسن الشاعر في نسج هذه العبارة.. ثم ختم أبياته بتساؤل مشروع: ( يا ليت شعري بطول العهد ما فعلوا) فهو ما زال على حبه و لم تغيّر قلبه صروف الليالي، فماذا عن المحبوبة ؟! يا ليت شعري تمنى يحمل معنى الحزن الشفيف، فما ذا فعل الأحباب مع تقادم الزمن و طول العهد؟! هل اختلف الحب و تغيرت القلوب أم ما زال الود يعمر القلوب...
الأبيات تستحق التأمل، هي حزينة و مؤلمة، و بليغة .. و أحسن الشاعر نسجها بل و أبدع...
هذا و الله أعلم.

الخميس، 20 يونيو 2013

سَلاَمٌ على أيّامكم

قصيدة أعجبتني كثيرا: و أحب أن أعرضها عليكم،
إذا  قُلْتُ  يَبلى  الحبُّ  فيكم    تجَدّدا        وَعَاد  بِكُم   ذاكَ   الغرامُ   كما     بَدَا
وأنتم أَحبائي على السخطِ   والرضَى        فلا تفعلوا بي  فعلَ  ما  يفعلُ  العِدا
سَلاَمٌ   على   أيّامكم    مَا      ألذَّها        وأطيبَها   نفسي   لأيأمكم      فِدا
أيا  واردينَ  الماءَ  من  شعبِ     رامةٍ        ألَمْ   تَكفِكُم   أمواه   عيني      موردا
ويا  ساكنينَ  القلبَ  كيف     سكنتم        وفيه   من   الأشواقِ    نارٌ      توقدا
عَصَيْنا   عليكم   كل من   لاَمَ     فيكم        فلا  تسمعوا  فينا   عَذُولاً     وَحُسَّدا
هنيئاً   مَريئاً    أنْ    تنامَ    جُفونُكم        وعندي  لكم   شوقٌ   أقامَ     وأقعدا
متى  تسمح  الدُّنيا  بقرب     مَزَاركم        مَتى  تجمِع   الأيامُ   شملاً     مُبدَّدا
أحدثُ  نفسي  كلَّ   حين     بذكركم        وأسأل عنكم  كلَّ  مَنْ  راح  أوْ    غدا

ضجر...

ضجر...


من الغيمات اشربي كل همّي و أعيدي نثر أوجاعي مطر..
بدّدي الحزن
 و أطوي أضغاث حلم البارحة..
و اقتفي نبع الحيارى
،و أغسلي كفيكِ من وهم البشر..
و أعيدي رسم تاريخ الغريبة..
و احيطي سور أيام المشاعر بمرارات الكدر..
فهنا أنتِ..
و هنا نحن..
 و هنا ماتت عل كفّ ذكرانا أفانين الصور..
 و غدا الآتي سراب..
 و غدا مفرق الصبح القبر..
 فمتى تُطوى الصحف؟!
 و متى يغفو العمر؟!
 و متى ارتمي في حضن أمي
 و على جُرحها تبكي القمر؟!!
انتهت..

الثلاثاء، 11 يونيو 2013

يأس ممتد...

يأس ممتد...

قرأتُ ذات مرّةٍ:
أنا جثة تمشي على قدمٍ ××× أمّا الثياب فإنّها اللحدُ .

كم أنا ممتنةٌ لهذا الشاعر الذي عبّر عن بعض أحوالي بأصدق عبارة ، فلستُ أراني إلا جسد بلا روح.. ظلٌّ من الظلال.. وشيء لا معنى له، لكنه موجود و يتنفس الحزن و الألم..لستُ آسفة على أن يُنظر إليّ ك لا شيء .. الأمر هنا لا يعنيني و كأني لستُ نفسي..أحزن كثيراً و أبكي كثكلى مفجوعة بلا سبب.. لكني من أعماقي أحترق .. الجحيم تتقد في روحي ، و غصّة هائلة تسُدّ حلقي، و مرارة العلقم في فمي... أمنية صغيرة تنبتُ في رأسي .. أن أشدّ شعري أو أفقد عقلي و أُجَنّ  و لا ينقض عليّ ذاك الألم الذي يزدادُ وحشية كلما ازداد الليل ظلمة و عمّ السكون من حولي، ففي ذاك الوقت الذي تنام فيه العيون ، و تهدأ الأصوات تتسلل أفكار مجنونة و مريضة  و تأخذ بيدي معها في أودية الهلاك..كُنتُ أفرّ منها بالبكاء حتى زارتني ذات ليل و أقامت حفلتها المرعبة و شربنا الدموع كؤوساً مترعة.. و عندما أسفر الصبح أَبَتْ أن تغادر و نامتْ على وسادتي، كانت قاسية و ظالمة و مجنونة، و كنتُ كطفلةٍ وحيدة مذعورة و حزينة..... أقول لنفسي: هي مصاعب الحياة حفرتْ أخاديدها في الروح.. هذه الروح الموبوءة بالخوف و الترقب، هذه الروح الهائمة مع عذابات الآخرين تلتقطها و تلبسها كعقدٍ من فجائع...عذّبتني هذه الروح تُبكيني بلا سبب، و قد تحتمي بالإنسان في كل أحد فإذا به يستلّ خنجره فيطعنها في مقتل.. . هذا المساء الحزين ، ما الذي أرجوه؟! لا شيء !! ما ذا أرغب؟!  لا شيء!! انطفأت الحياة في عيني و لم يعد يهمني شيء .. و كما قال أحدهم و رددتُ خلفهُ : ( ما الذي يُغري طريداً بالحياة؟! لِمَ لا يحمل أشلاء أمانيهِ الحزينة ؟! لِمَ لا يرحل عن هذي المدينة ؟! لِمَ لا يبقى بعيداً أو يموت؟! )
انتهت:(

الجمعة، 7 يونيو 2013

جرح على جرح...

في حلقي غصة بحجم الكون..
و على شفتي حروف جمدتها المواجع فأبى لساني أن ينطق بها...
أوردتي ممر لأشواكٍ تجري منّي مجرى الدم...
ألهث خلف الأمل و اصطبر على جراحي.. يطول الطريق.. ينحر الألم ورود الأمنيات...
و ينتعل اليأس دربي... و أمضي ، أمضي أتلمس نور الأمل.. أتلمّس خط رجعة إلى حياةٍ تتنفس رضى...
..............................
...................
........
جرحي بحجم الكون فكن معي يا الله.