الأربعاء، 29 مايو 2013

حافة الرحيل

حافة الرحيل...
و في القلب متسع لجرح جديد، فلا تخافي يا جراح من الغربة و التشرد، أنا موطن للجرح فهيا يا أحزان اعصفي بقلبي و أمطريني بوابل من الأسى و الشجن...
أواهُ يا قلب .. يا مهد من أحب، كيف أصبحت مهوى العذاب، و موطن السقم؟!
أواهُ يا حزن.. كيف استبسلت و غمدت سيوفك في خلاياي كلها؟!
أواهُ يا عمري.. كيف تنبت في أحداقك الآلام؟!
أواهُ يا صمت... ألجم فمي حتى أكفّ عن البوح.. 
أخرسي يا نوف... و دعي الحزن يجري منكِ مجرى الدم ، و أشكري الله و كفى..
لكَ يا الله أبث حزني و شكواي فأجرني من عذاب نفسي بفيض عفوك يا منّان..
يا الله...
يا الله...
كن معي... و كفى..

الأربعاء، 15 مايو 2013

انتظرت ... وليتني لم أنتظر!!

انتظرت ... وليتني لم أنتظر!!

كنت أنتظر كغيري في صالة الانتظار، لا شيء يبدد الملل سوى كتاب مُمل صغير وضعته 
في جيبي تحسباً لموقف كهذا.. مرّ وقت طويل وأنا أعيد قراءة ذات الصفحة حتى قطع عليّ 
صوت رفيع بجواري وعثاء التكرار، التفت لأجد شاباً صغيراً قد جلس في جواري ولم أشعر به 
وعندما نظرت إليه قال: عفواً، كنت أسألك إنْ كنت تحبين القراءة. فأجبته من رأس أنفي 
وأنا أرفع الكتاب نحو عيني مرة ثانية: نعم. فقال بنبرة سعيدة: صحيح؟!! الحمد لله،
وهذا الكتاب عن ماذا يتحدث؟! التفت إليه باشمئزاز ونظرت نحوه
وقلت مشمئزة -أيضاً- تريد أن تقول إنك تحب القراءة، اطمئن وصلت الرسالة، 
وهذا الكتاب يتحدث عن أشياء لا تفهمها. ضحك وقال: وهل تفهمينها أنت؟ أجبته 
وأنا أكشر عن أنيابي: أنا أيضاً لا أفهمها، ما رأيك، هل أنت سعيد؟!! 
نظر في عيني بثقة وقال: لا، ومع ذلك أحب أن أعرف موضوع الكتاب. 
قلت له: عن البيئة، عن التلوث، عن الدمار، باختصار عن كل مالا يفهمه العامة. 
فقال: وأنت من العامة ولم تفهميه أم من الخاصة ولم تفكري فيه لتفهميه؟ 
أجبته بابتسامة مصطنعة: من العامة والخاصة، يعني أفهم إذا أردت، 
ولا أفهم إذا أردت أيضاً. غرس كوع يمناه في فخذه وأسند ذقنه على كفه
بينما مدّ ذراعه اليسرى إلى جواره وأمسك بالسبابة والإبهام مؤخرة حذائه الرياضي 
وأخذ يهمهم ويمط شفتيه يميناً وشمالاً ثم التفت نحوي صارخاً: أنتِ تفهمين ما تريدين 
وتتركين مالا تريدين؟! أنت أصلاً جباااانة! اصطنعت الهدوء وابتسمتُ ببلاهة 
وأنا أنظر إليه وضع كفه خلف ساقه اليسرى وراح يرفعها تارة ويعيدها تحت الكرسي 
مرة أخرى وجسمه يهتز وذقنه مازالت تستند إلى كفه اليمنى الواقفة على فخذه 
ثم قال بنبرة جادة: لِمَ لا تعترفين بأنك لا تفهمين فهذا ليس عيباً،
ويمكنك الاستفادة من وقتك بقراءة كتاب تفهمينه! أجبته بطرف لساني: أحب قراءة مالا أفهم،
أنشّط عقلي ياأخي، ثم إني لم أطلب رأيك، ولا تتدخل فيما لا يعنيك!! قام من مكانه
وعاد ليجلس على الكرسي الآخر المقابل لي وعيناه تخترقني. قال وهو يعقد ذراعيه 
على صدره: تدخلت لأنك كنت تعيدين قراءة ذات الصفحة عدة مرات مع أن تلك المعلومات سهلة 
وواضحة ولا تحتاج لعقلية (أينشتاين) لفهمها. سألته باستخفاف وأنا ألقي بالكتاب على 
المقعد الذي كان يجلس عليه: حقاً، وما أدراك أنها سهلة؟! أجابني وهو يرمقني شزراً من
إصبع قدمي الصغير إلى أعلى شعرة في رأسي: هذا الكتاب، وبالذات هذا الكتاب، 
ألّفه والدي ضمن سلسلة تهتم بثقافة طلاب المراحل الثانوية، وفي مدرستنا يعتمد 
عليه بعض زملائي الذين يحتاجون إلى تبسيط المعلومات، بمعنى: لا تخبري ابنك 
أنك لا تفهمين كتاب تبسيط العلوم؛ لأنه سيراك غبية!! نظرت إليه وقد فتحت الدهشة فمي وقلت
متسائلة: كتاب تبسيط للطلاب؟! قام من مكانه واتجه إلى الباب ثم التفت نحوي 
وقال: انظري إلى الغلاف جيداً لتتأكدي وخرج. أخذت الكتاب ونظرت إلى الغلاف لتتسع عيناي 
عن آخرهما: الكتاب رقم 3 من السلسلة الميسرة في العلوم، يصلح لأذكياء المتوسطة وطلاب الثانوية!!

انتهت..